يتفق أهل التربية على أهمية غرس حب القراءة فـي نفس الطِفل، وتربيته على حبها،حتى تصبح عادة له يمارسها ويستمتع بها.
وما هذا إلا لمعرفتهم بأهمية القراءة، فقد أثبتت البحوث العلمية (أن هناك ترابطاً مرتفعاً بين القدرة على القراءة والتقدم الدراسي).
وهناك مقولات لعلماء عظام تبين أهمية القراءة أذكر منها:
1- (الإنسان القارئ تصعب هزيمته).
2- (إن قراءتي الحرة علمتني أكثر من تعليمي فـي المدرسة بألف مرة).
3- (من أسباب نجاحي وعبقريتي أنني تعلمت كيف انتزع الكتاب من قلبه).
4- سئل أحد العلماء العباقرة: لماذا تقرأ كثيراً؟ فقال: (لأن حياة واحدة لا تكفيني !!).
القراءة تفيد الطفل فـي حياته، فهي توسع دائرة خبراته، وتفتح أمامه أبواب الثقافة، وتحقق التسلية والمتعة، وتكسب الطفل حساً لغوياً أفضل، ويتحدث ويكتب بشكل أفضل، كما أن القراءة تعطي الطفل قدرة على التخيل وبعد النظر، وتنمي لدى الطفل ملكة التفكير السليم، وترفع مستوى الفهم، وقراءة الطفل تساعده على بناء نفسه وتعطيه القدرة على حل المشكلات التي تواجهه.
وأشياء كثيرة وجميلة تصنعها القراءة وحب الكتاب فـي نفس الطفل.
إن غرس حب القراءة فـي نفس الطفل ينطلق من البيت الذي يجب عليه أن يغرس هذا الحب فـي نفس الطفل، فإن أنت علمت أولادك كيف يحبون القراءة، فإنك تكون قد وهبتهم هدية سوف تثري حياتهم أكثر من أي شيء آخر!! ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟ ولا سيما فـي عصر قد كثرت فيه عناصر الترفيه المشوقة والألعاب الساحرة التي جعلت الطفل يمارسها لساعات متواصلة؟!!
أساليب ترغيب القراءة للطفل:
1- القدوة القارئة:
إذا كان البيت عامراً بمكتبة ولو صغيرة، تضم الكتب والمجلات المشوقة، وكان أفراد الأسرة ولا سيما الأب من القارئين والمحبين للقراءة، فإن الطفل سوف يحب القراءة والكتاب. فالطفل عندما يرى أباه وأفراد أسرته يقرأون، ويتعاملون مع الكتاب، فإنه سوف يقلدهم، ويحاول أن يمسك بالكتاب وتبدأ علاقته معه.
وننبه هنا إلى عدم إغفال الأطفال الذين لم يدخلوا المدرسة ونتساءل: هل الطفل ليس فـي حاجة إلى الكتاب إلا بعد دخوله للمدرسة؟
ونقول: إن المتخصصين فـي التربية وسيكولوجية القراءة، يرون تدريب الطفل الذي لم يدخل المدرسة على مسك الكتاب وتصفحه، كما أنه من الضروري أن توفر له الأسرة بعضاً من الكتب الخاصة به، والتي تقترب من الألعاب فـي أشكالها، وتكثر فيها الرسوم والصور.
2- توفير الكتب والمجلات الخاصة للطفل:
هناك مكتبات ودور نشر أصبحت تهتم بقراءة الطفل، وإصدار ما يحتاجه من كتب ومجلات وقصص، وهذا فـي دول العالم المتقدم، أما فـي العالم الثالث، فلا زالت كتب الطفل ومجلاته قليلة، ولكنها تبشر بخير. ولا شك أن لهذه الكتب والمجلات والقصص شروط منها:
أ- أن تحمل المضمون التربوي المناسب للبيئة التي يعيش فيها الطفل.
ب- أن تناسب العمر الزمني والعقلي للطفل.
جـ- أن تلبي احتياجات الطفل القرائية.
د- أن تتميز بالإخراج الجميل والألوان المناسبة والصور الجذابة والأحرف الكبيرة.
ولقد تفننت بعض دور النشر، فأصدرت كتب بالحروف البارزة، وكتب على شكل لعب، وكتب يخرج منها صوت حيوان إذا فتحت هذه كلها تساعد على جذب الطفل للقراءة.
3- تشجيع الطفل على تكوين مكتبة صغيرة له:
تضم الكتب الملونة، والقصص الجذابة، والمجلات المشوقة، ولا تنس اصطحابه للمكتبات التجارية، والشراء من كتبها ومجلاتها، وترك الاختيار له، وعدم إجباره على شراء مجلات أو كتب معينة، فالأب يقدم له العون والاستشارة فقط.
كل هذا يجعل الطفل يعيش فـي جو قرائي جميل، يشعره بأهمية القراءة والكتاب، وتنمو علاقته بالكتاب بشكل فعّال.
4- التدرج مع الطفل في قراءته:
لكي نغرس حب القراءة فـي الطفل ينبغي التدرج معه، فمثلاً كتاب مصور فقط، ثم كتاب مصور يكون فـي الصفحة الواجدة صورة وكلمة فقط، ثم كتاب مصور يكون في الصفحة الواجدة كلمتين، ثم كتاب مصور يكون في الصفحة الواجدة سطر وهكذا.
5- مراعاة رغبات الطفل القرائية:
إن مراعاة رغبات الطفل واحتياجته القرائية، من أهم الأساليب لترغيبه فـي القراءة، فالطفل مثلاً يحب قصص الحيوانات وأساطيرها، ثم بعد فترة، يحب قصص الخيال والمغامرات والبطولات وهكذا. فعليك أن تساهم فـي تلبية رغبات طفلك، وحاجاته القرائية، وعدم إجباره على قراءة موضوعات أو قصص لا يرغبها!!
6- المكان الجيد للقراءة فـي البيت:
خصص مكاناً جيداً ومشجعاً للقراءة فـي بيتك تتوفر فيه الإنارة المناسبة والراحة الكاملة لطفلك، كي يقرأ ويحب المكان الذي يقرأ فيه والبعض يغري طفله بكرسي هزاز للقراءة فقط .
7- خصص لطفلك وقتاً تقرأ له فيه:
عند ما يخصص الأب أو الأم وقتاً يقرأ فيه للطفل القصص المشوقة، والجذابة حتى ولو كان الطفل يعرف القراءة، فإنه بذلك يمارس أفضل الأساليب لغرس حب القراءة فـي نفس طفله.
وهذه بعض التوصيات للقراءة لأطفالك:
أ- اقرأ لأطفالك أي كتاب أو قصة يرغبون بها، حتى ولو كانت تافهة، أو مكررة، وقد تكون أنت مللت من قراءتها، ولكن عليك بالصبر حتى تشعرهم بالمتعة فـي القراءة.
ب- عليك بالقراءة المعبرة، وتمثيل المعنى، واجعلها نوعاً من المتعة، واستعمل أصواتاً مختلفة، واجعل وقت القراءة وقت مرح ومتعة!!
جـ- ناقش أطفالك فيما قرأته لهم، واطرح عليهم بعض الأسئلة، وحاورهم بشكل مبسط.
وحاول أن تكون هذه القراءة بشكل مستمر، كل أسبوع مرتين على الأقل.
ويمكن أن تقرأ القصة على أطفال مجتمعين، ثم يمثلونها ويلعبوا أدوار شخصياتها.
إن جلسات القراءة المسموعة، تجعل الأطفال يعيشون المتعة الموجودة فـي الكتب، كما أنها تساعدهم على تعلم وفهم لغة الكتب.
8- استغلال الفرص والمناسبات:
إن استغلال الفرص والمناسبات، لجعل الطفل محباً للقراءة، من أهم الأمور التي ينبغي على الأب أن يدركها. فالمناسبات والفرص التي تمر بالأسرة كثيرة، ونذكر هنا بعض الأمثلة، لاستغلال الفرص والمناسبات لتنشئة الطفل على حب القراءة.
أ- استغلال الأعياد بتقديم القصص والكتب المناسبة هدية للطفل. وكذلك عندما ينجح أو يتفوق فـي دراسته.
ب- استغلال المناسبات الدينية، مثل الحج والصوم، وعيد الأضحى، ويوم عاشوراء، وغيرها من مناسبات لتقديم القصص والكتيبات الجذابة للطفل حول هذه المناسبات، والقراءة له، وحواره بشكل مبسط والاستماع لأسئلته.
جـ- استغلال الفرص مثل: الرحلات والنزهات والزيارات، كزيارة حديقة الحيوان، وإعطاء الطفل قصصاً عن الحيوانات. وحواره فيها، وما الحيوانات التي يحبها، وتخصيص قصص مشوقة لها، وهناك فرص أخرى مثل المرض وألم الأسنان، يمكن تقديم كتيبات وقصص جذابة ومفيدة حولها.
د- استغلال الإجازة والسفر:
من المهم جداً ألا ينقطع الطفل عن القراءة، حتى فـي الإجازة والسفر، لأننا نسعى إلى جعله ألا يعيش بدونها، فيمكن فـي الإجازة ترغيبه فـي القراءة بشكل أكبر، وعندما تريد الأسرة مثلاً أن تسافر إلى مكة أو المدينة أو أي مدينة أخرى يستغل الأب هذا السفر فـي شراء كتيبات سهلة، وقصص مشوقة عن المدينة التي سوف تسافر الأسرة لها، وتقديمها للطفل أو القراءة له قراءة جهرية، فالقراءة الجهرية ممتعة للأطفال، وتفتح لهم الأبواب، وتدعم الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة، وسوف تكون لهم القراءة الممتعة جزءاً من ذكريات طفولتهم.
9- استغلال هوايات الطفل لدعم حب القراءة:
جميع الأطفال لهم هوايات يحبونها، منها مثلاً: الألعاب الإلكترونية، تركيب وفك بعض الألعاب،قيادة الدراجة، الرسم، الحاسب الآلي، كرة القدم، وغيرها من ألعاب. لذا عليك توفير الكتب المناسبة، والمجلات المشوقة، التي تتحدث عن هواياتهم، وثق أنهم سوف يندفعون إلى قراءتها، ويمكن لك أن تحاورهم فيها، وهل يرغبون فـي المزيد منها ؟ ولا تقلق إذا كانت هذه الكتب تافهة، أو لا قيمة لها فـي نظرك. فالمهم هنا هو تعويد الطفل على القراءة، وغرس حبها فـي نفسه.
10- قراءة الطفل والتلفزيون:
إن كثرة أجهزة التلفزيون فـي المنزل. تشجع الطفل على أن يقضي معظم وقته فـي مشاهدة برامجها، وعدم البحث عن وسائل للتسلية، أما مع وجود جهاز تلفزيون واحد، فإن الطفل سوف يلجأ إلى القراءة بالذات حين يكون فرد آخر فـي أسرته يتابع برنامج لا يرغب الطفل فـي متابعته!!.
وإياك أن تضع جهاز تلفزيون فـي غرفة نوم طفلك لأنه سوف ينام وهو يشاهده بدلاً من قراءة كتاب قبل النوم.
وكلما كبر طفلك وازدحمت حياته، وزاد انشغاله، فإن وقت ما قبل النوم، يصبح هو الفرصة الوحيدة للقراءة عنده، لذا أحرص على غرس هذه العادة فـي طفلك!!
11- العب مع أطفالك بعض الألعاب القرائية:
والألعاب التي يمكن أن تلعبها مع طفلك ليحب القراءة كثيرة جداً، ولكن اختر منها الألعاب المشوقة والمثيرة، وهناك ألعاب يمكن أن تبتكرها أنت، مثل: أكتب كلمات معكوسة وهو يقرأها بشكل صحيح، وابدأ بكتابة اسمه هو بشكل معكوس فمثلاً اسمه (سعد) اكتبه له (دعس) واطلب منه أن يقرأه بشكل صحيح وهكذا.
ومن الألعاب: أن تطلب منه أن يقرأ اللوحات المعلقة فـي الشوارع، وبعض علامات المرور، كعلاقة (قف). ومن الألعاب التي يمكن أن تبتكرها لطفلك، يمكنك كتابة قوائم ترغب فـي شرائها من محل التموينات، واجعل طفلك يشطب اسم الشيء الذي تشتريه. ومن الألعاب القرائية: ألصق بعض الأحرف الممغنطة على الثلاجة، واكتب بها بعض الكلمات، واطلب من طفلك قراءتها، ثم دعه هو يكتب الحروف والكلمات وأنت تجيب، وحاول أن تعطيه إجابة خاطئة أحياناً حتى يصححها لك، وتذكر أن الطفل يحب أن يتولى زمام اللعبة خاصة مع أبويه!!
12- المدرسة وقراءة طفلك:
تابع باستمرار كيف يتم تدريس القراءة لأطفالك. زر المدرسة وتعرف على معلم القراءة، وبين له أنك مهتم بقراءة طفلك وبين له أيضاً البرامج التي تقدمها لطفلك ليكون محباً للقراءة. وأسأل معلم القراءة كيف يتم تدريس القراءة لطفلك وأسأله عن الأنشطة القرائية التي يمارسها طفلك فـي المدرسة، وأسأله عن علاقة طفلك بمكتبة المدرسة. وحاوره بشكل لطيف عن أهمية الأنشطة القرائية التي يجب أن يتعود عليها الطفل فـي المدرسة !! ولا تنس أن تقدم خطابات الشكر للمعلم الذي يؤدي درس القراءة بطريقة تنمي حب القراءة لدى الطفل. وأحياناً يخشى المعلم القيام بأنشطة قرائية حرة داخل الصف ويترك المقرر قليلاً، لذا عليك أن تدعم هذا المعلم وترسل له خطابات الشكر هو ومديره، وأشكره على عمله! واعرض عليه التبرع بالقصص المشوقة والكتب المناسبة لمكتبة الفصل! عندما يسمع المعلمون الآخرون عن هذا التشجيع فقد يجدون الشجاعة لعمل الشيء ذاته فـي فصولهم!!
13- طفلك والرحلات المدرسية وأصدقاؤه والقراءة:
إذا شارك طفلك أو لدك فـي رحلة مدرسية، فاحرص على أن تزوده ببعض الكتب والقصص المشوقة! فقد يكون هناك وقت مناسب لكي يقرأ فيها، ويمرر هذه الكتب والقصص المفيدة لأصدقائه! ولكن ينبغي أن يطلع عليها المعلم أولاً. أيضاً يمكن أن تقدم لأصدقاء طفلك بعض الكتب والقصص المشوقة أو يعيرها ولدك لهم. هذا بإذن الله سوف يضمن إنشاء أصدقاء لطفلك يحبون القراءة.
14- السيارة وقراءة طفلك!
احرص على توفير المجلات والقصص المناسبة لطفلك فـي سيارتك. وقدمها لطفلك أثناء القيادة، ولا سيما إذا كان الطفل سيجلس لمدة طويلة فـي السيارة. إن الطفل وقتها سوف ينشغل فـي القراءة ويكف عن الصراخ والمشاجرة وهذه فائدة أخرى!!
ومن الملاحظ أن من الناس من يمضي وقتاً طويلاً، وسيارته واقفة لغسيلها، أو إصلاح المهندس لعطلٍ فيها، أو لأي سبب آخر. ولا يستفيد من هذا الوقت فـي القراءة فـي مجلات أو كتب نافعة. فلا تجعل أطفالك من هذا النوع إذا كبروا!!
15- طفلك والشخصيات التي يحبها والتي يمكن أن تجعله يحبها:
من المهم أن تزود طفلك ببعض الكتب عن الشخصيات التي يحبها، أو التي يمكن أن يحبها، وأن يتعلم المزيد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياته ومعجزاته، وصحابته، والشخصيات البطولية فـي التاريخ الإسلامي وهذا كله موجود فـي قصص مشوقة وجذابة، ولا سيما إذا كان طفلك لا يحب قصص الخيال لكنه يحب قصص الخير ضد الشر والمغامرات الواقعية.
16- عود طفلك على قراءة الوصفات!
عندما تشتري دواء، فإن وصفة طريقة تناول الدواء تكون موجودة داخل العلبة. وعندما تشتري لعبة لطفلك تحتاج إلى تركيب، فإن وصفة طريقة التركيب تكون مصاحبة لها. لذا من الضروري أن تطلب من طفلك أن يقرأها أولاً، أو أن تقرأها له بصوت واضح وتشرح له ما لم يفهمه منها.
المهم أن يتعود على قراءة أية وصفة مصاحبة لأي غرض. لأن ذلك سوف يدفعه إلى حب القراءة والتعود عليها.
17- القصص والمجلات المشوقة وملاحقة الأطفال:
لاحق أطفالك بالقصص الجذابة والمشوقة فـي أماكن تواجدهم. ضع القصص بجوار التلفزيون، وأماكن اللعب، وبجوار السرير، ضع قصص جذابة للنوم ولكن لا تكره طفلك على القراءة أبداً!!.
18- أفراد أسرتك والقراءة!!
تحدَّث مع أفراد أسرتك عن المقالات والكتب التي قرأتها. وخصص وقتاً للحوار والنقاش فيها. وليكن ذلك بوجود أطفالك، واسمح لهم بالمشاركة فـي الحوار، وحاورهم فـي قراءتهم، وشجعهم على القراءة! وعلى كتابة ما يعجبهم من القصص فـي دفتر خاص بذلك.
19- الطفل ومسرح القراءة:
إن الأطفال يقرأون بسهولة عندما يفهمون ما يقرأون، لذا اختر الأدوار فـي القصة، واجعل طفلك يصبح إحدى الشخصيات ويقرأ الحوار الذي تنطق به وهذا هو ما يسمى (مسرح القراءة).
وهذا سوف يساعد على المتعة والإثارة أثناء القراءة.
20- قطار القراءة يتجاوز أطفالك:
لا تيأس أبداً فمهما بلغت سن أطفالك ومهما كبروا يمكنهم أن يتعلموا حب القراءة لكن من المهم أن توفر لهم المجلات، والكتب التي تلبي حاجاتهم القرائية، ومن الممكن أن تشترك لهم فـي بعض المجلات المناسبة، ولا سيما إذا كانوا مراهقين عليك أن تشبع حاجاتهم القرائية بشكل أكبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق